Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

مسلسل الثورة و الثورة المضادة في المانيا (1918– 1923) كرونولوجيا

- بداية نونبر 1918:

إنها السنة الخامسة من الحرب، و الثورة تزمجر في كل مكان في ألمانيا، جنود و بحارة يتمردون، إضرابات تنفجر، في كل مكان تتشكل مجالس العمال و الجنود، و المطالب هي: السلام، الحرية، الخبز .

أمام تصاعد النضال الثوري، أجبرت السلطات السياسية و العسكرية في ألمانيا القيصر على التنحي، خوفا من سقوط ألمانيا في الثورة كما وقع في روسيا، أي الخوف من الثورة البلشفية، خوف شاركهم فيه الاجتماعيون الديموقراطيون التحريفيون، أي أغلبية الحزب، الذين كانوا يشاركون في الحكومة منذ أسابيع.

في بداية السنة، يحدث انشقاق داخل الحزب من جهة، أغلبية مساندة للحرب، و المستقلون من جهة أخرى، الذين كانوا يطالبون بمفاوضات من أجل السلم، و من داخل هذا الحزب الأخير، كانت هناك مجموعة "سبارتاكوس" يقودها كارل ليبنخت و روزا لوكسمبورغ، اللذان كانا يدافعان عن ثورة اجتماعية راديكالية.

- 9 نونبر :

أطلق نداء لإضراب عام، فتوجه عشرات الألوف من العمال نحو مركز مدينة برلين، محتلين المعامل و البنايات الرسمية.

في سياق هذه التطورات، و داخل كواليس السلطة، تستمر الضغوط من أجل تنازل الامبراطور عن العرش، الذي قبل ذلك، حوالي منتصف النهار، و تنازل المستشار الأمير ماكس فون بادن للاجتماعي الديموقراطي فردريتش إيبرت من أجل أن ينقد الوضعية، فيعلن هذا الأخير انتصار الثورة، و يدعو العمال و الجنود إلى التزام الهدوء، و قد طرح السؤال عن أي اتجاه ستأخذه ألمانيا، هل ستصبح ألمانيا ملكية برلمانية؟ و قد تم استبعاد هذه الفرضية لأنها لن تعمل على تهدئة الجماهير. هل ستصبح جمهورية إذن؟ لكن أية جمهورية؟ جمهورية برلمانية، أو جمهورية مجالس العمال و الجنود كما في روسيا.

إذن فألمانيا في مفترق الطرق.

هكذا تم الإعلان مرتين عن الجمهورية بعد منتصف نهار يوم 9 نونبر :

- المرة الأولى على يد الاجتماعي الديموقراطي فيليب شيدمان من نافذة الرايخشتاغ (البرلمان الألماني) و ذلك حوالي الثانية بعد الظهر.

- المرة الثانية، من شرفة القصر الملكي، حولي الرابعة، يعلن كارل ليبنخت عن انبثاق الجمهورية الاشتراكية الحرة.

* الرايخشتاغ، الساعة الثانية، فيليب شيدمان يلقي خطابه :

كانت أربع سنوات من الحرب رهيبة، و التضحيات التي كان يتعين على الناس القيام بها مع ممتلكاتهم و دمائهم كانت مروعة، و قد انتهت هذه الحرب الشريرة، انتهى القتل. سنعاني لفترة طويلة من عواقب الحرب و الضائقة و البؤس، الهزيمة التي أردنا تجنبها بأي ثمن لم تنجينا، مقترحات التوافق تم تخريبها، نحن أنفسنا تعرضنا للإهانة و الافتراء، إن أعداء الشعب العامل، الأعداء الداخليين الحقيقيين، المسؤولين عن انهيار ألمانيا، صامتون و يختبئون، كانوا مقاتلي صالونات، التي حافظت على متطلبات فتوحاتهم، و قادوا بنفس الطريقة صراعا بلا هوادة ضد أي إصلاح للدستور، و على وجه الخصوص ضد النظام الانتخابي لبروسيا، نأمل أن يتم القضاء على أعداء الشعب هؤلاء إلى الأبد، لقد تنازل الامبراطور، لقد اختفى هو ورفاقه، و قد انتصر الشعب انتصارا تاما عليهم، لقد سلم الأمير ماكس فون بادن منصب مستشار الرايخ إلى النائب إيبرت، سيشكل صديقنا حكومة عمالية تساهم فيها جميع الأحزاب الاشتراكية، يجب ألا تزعج الحكومة الجديدة في المهمة التي عليها أن تنجزها من أجل السلم، في جهودها لتأمين العمل و الخبز. أيها العمال و الجنود يجب أن تدركوا الأهمية التاريخية لهذا اليوم، ما حدث لم يسمع به، إنه عمل كبير و جبار ينتظرنا، لا يجب أن يحدث شيئ يقوض شرف الحركة العمالية، كونوا متحدين، مخلصين و واعين بواجبكم. العالم القديم المتهالك و الملكية انهارا، عاش العالم الجديد، عاشت الجمهورية الألمانية.

*القصر الملكي، الساعة الرابعة، كارل ليبنخت يلقي خطابه :

"أيها الرفاق، لقد ارتفع يوم الحرية، ابدا سوف لن يتولى هوهنزولر هذا المكان[ ...] أيها الرفاق إني أعلن عن الجمهورية الاشتراكية الحرة لألمانيا، التي يجب أن تجمع كل الشعوب، التي فيها لا يجب أن يوجد عبيد، التي سيحصل فيها كل عامل شريف أجر العمل الذي يستحق، إن السيطرة الامبريالية، التي حولت أوروبا إلى حقل من الجثث قد تحطمت، لكن إذا كان العالم القديم قد هزم فلا يجب أن نظن أن مهمتنا قد انتهت، يجب أن نركز كل جهودنا على تأسيس حكومة العمال و الجنود، و إقامة نظام دولة البروليتاريا جديد، نظام السلام والسعادة و الحرية لكل إخواننا الألمان، و كل إخواننا في العالم أجمع.

أولائك من بينكم، الذين يريدون تحقيق الجمهورية الاشتراكية الحرة لألمانيا و الثورة العالمية يرفعا أيديهم لتأدية القسم (كل الأيدي ترتفع و الحناجر تصرخ : عاشت الجمهورية !)

مناورات الاجتماعيين الديموقراطيين :

شكل فريدريتش إيبرت حكومة أطلق عليها مجلس كوميسيريات الشعب و المشكلة من الاجتماعيين الديموقراطيين (الأغلبية) و المستقلين، لكن وراء الواجهة الاجتماعية المعلن عنها من طرف إيبرت، يظل الجهاز الحكومي هو نفسه، و قد ساند القادة العسكريون إيبرت.

لم يشارك السبارتاكيون في الحكومة لأنهم كانوا يطالبون بوضع السلطة في يد مجالس العمال و الجنود، لكن بخلاف التجربة الروسية، كانت مجالس العمال و الجنود تحت سيطرة الاجتماعيين الديموقراطيين.

تصاعدت الأحداث و التوترات و التمردات ، و في يناير عندما قامت الحكومة بإقالة مسؤول البوليس في برلين المساند لليسار، إيميل إيشورن، قام السبارتاكيون بالتمرد والإعلان عن الانتفاضة، رغم الموقف المعارض لروزا لوكسمبورغ و كارل ليبنخت، و قد قام غوستاف نوسكه الاجتماعي الديموقراطي، وزير الدفاع، بمساعدة الجيش بسحق الانتفاضة.

ثورة السبارتاكيست في برلين :

يوم 5 يناير 1919 : انطلقت ثورة سبارتاكوس في برلين (أطلق عليها أيضا اسم ثورة يناير) على إثر الإضراب العام الذي أعلنته الطبقة العاملة في المدينة، و استمرت من 5 يناير إلى 12 يناير 1919، و تم سحقها من طرف الجيش بأمر من غوستاف نوسكه، و شكلت إحدى اللحظات الأساسية في الثورة الألمانية 1918 – 1919، و عند انطلاقها كان الحزب الشيوعي الألماني في بداية تأسيسه من طرف "عصبة سبارتاكوس"، و قد شارك فيها بعدما فاجأته انطلاقتها روزا لوكسمبورغ و كارل ليبنخت، فكيف كانت مجريات الأحداث ؟

- انتفاضة عيد المسيح (نويل) وقعت بين 23 دجنبر و 25 دجنبر 1918، شارك فيها البحارة الذي دخلوا في إضراب.

- تحرك العديد من العمال داخل المدينة و أقاموا متاريس في الأزقة و الشوارع، و أعلن قادة الحزب الشيوعي الألماني و اتحاد حزب الاجتماعي الديموقراطي عن قرار مساندة الثورة.

- يوم 7 يناير1919، وجه قادة الحزبين نداء من أجل إضراب عام، و هكذا أعلن 500 ألف عامل دخولهم في إضراب عام و تظاهروا في وسط المدينةفي نهاية هذا الأسبوع، و تشكلت لجنة العمل الثوري من 52 عضوامن بينهم كارل ليبنخت و جورج لديبور، و ذلك بهدف الاستيلاء على السلطة، لكن يومين بعد ذلك ظهرت اختلافات بين الأطراف الثورية، دعا البعض منها إلى انتفاضة مسلحة، بينما دافع الطرف الآخر عن فكرة التفاوض مع حكومة فردريتش إيبرت، لكن العمال استمروا في احتلال البنايات، و انخرطوا في أولى معارك الشوارع، إنها بداية الاسبوع الدامي.

عرفت لجنة العمل الثوري انسحابا للأعضاء الشيوعيين، بعدما دعا الآخرون من حزب الاتحاد الديموقراطي الاجتماعي إلى التفاوض مع حكومة إيبرت. و عند انطلاق المفاوضات، اكتشف العمال وجود منشورات الحزب الاجتماعي الديموقراطي الألماني تحت عنوان "ساعة الحساب اقتربت"، و تعرفوا على مخطط إدارة الحزب الاجتماعي الديموقراطي، التي اتفقت مع مليشيات عسكرية موازية رجعية، من أجل مواجهة الثورة العمالية، و كان إيبرت قد أصدر بالفعل أمره لوزيره في الدفاع غوستاف نوسكهيم 6 يناير، و هكذا أوقفت لجنة العمل الثوري نقاشاتها مع اتحاد الحزب الاجتماعي الديموقراطي، و وجهت عصبة سبارتاكوس نداء إلى أعضائها بحمل السلاح، و في ذلك اليوم الأسود أعطى المجرم إيبرت أوامره للمليشيات الرجعية لمهاجمة العمال الثائرين، و كانت هذه المليشيات تتكون من قدماء الجيش المشاركين في الحرب العالمية الأولى، اللذين احتفظوا بأسلحتهم بعد الحرب، و في معركة غير متكافئة دافع العمال عن ثورتهم وراء متارسهم و استشهد المئات منهم، كما سقط العديد من المدنيين خلال المعارك.

في سياق الحملة القمعية، التي تلت الأحداث، تم اعتقال كارل ليبنخت و روزا لوكسمبورغ يوم 15 يناير 1919، و تم اغتيالهما من طرف الجنود، و تم إلقاء جثة روزا لوكسمبورغ في ساقية لانديهر، و قد تولد عن هذا الاغتيال موجة من الاستنكار، همت حتى غير الثوريين، خاصة لما تمت تبرئة المجرمين في ماي 1919، و تم دفن الجثتين في مقبرة فريديرتسفايلد، و تمت إقامة نصب تذكاري للشهيدين سنة 1926، حيث تنظم تظاهرات سنوية لتخليد ذكراهما.

و في 1935، قام النازيون بتدمير التذكار، و سيعاد بناء النصب التذكاري سنة 1951.

- فبراير 1919 :

يجمع إيبرت المجلس التأسيسي، ليس في برلين نظرا للأوضاع المتوترة داخلها، بل في مدينة صغيرة تسمى فيمار، و هكذا تم تأسيس جمهورية برلمانية، و تم انتخاب إيبرت رئيسا و فيليب شيدمان كمستشار، و بعد 14 سنة، أي في 30 يناير 1933 أصبح المارشال هندنبورغ رئيسا لألمانيا بدل إيبرت، و هو الذي دعا أدولف هتلر إلى منصب مستشار.

جمهورية مجالس بافاريا

- أعلنت المجالس العمالية عن قيام جمهورية المجالس في بافاريا، في 7 أبريل 1919.

- في 13 أبريل 1919 تشكلت الحكومة الجديدة بالمنطقة البافارية من طرف الحزب الشيوعي الألماني (الفرع).

- 3 ماي 1919 انتهت المعارك داخل المدينة بعد هجوم قوات الجيش.

استمرت هذه الجمهورية من 7 أبريل إلى 3 ماي 1919، حيث انتهت بالتصفية.

يبين هذا أن منطقة بافاريا لم تشد عن باقي المناطق الألمانية، فقد عرفت منطقة بافاريا نفس الأوضاع التي عرفتها المناطق الألمانية، بعد الإعلان عن سقوط القيصر الألماني، و كان هذا يعني سقوط أجزاء من السلالات الألمانية الحاكمة في منطقة بافاريا، و عرفت المنطقة ظهور المجالس العمالية التي تشكلت بسرعة، و قامت حكومة جديدة في المنطقة بقيادة الاجتماعي الديموقراطي المستقل كورت إيزنر، الذي تم اغتياله في 21 فبراير1919، فأخذ مكانه الاجتماعي الديموقراطي جوهانس هوفمان، و تم الإعلان عن جمهورية المجالس من طرف الشيوعيين البافاريين، إلا أن هذه الحكومة تأثرت بأخطاء الفوضويين، الذين لم يكونوا مؤهلين للقيادة، و حاولت حكومة هوفمان استعادة مدينة ميونيخ، إلا أن الجيش الأحمر البافاري تصدى لها، و ذلك في يوم 13 أبريل 1919، و في ليلة ذلك اليوم قام الشيوعيون الألمان بقيادة المناضلين أوجين لفيني و ماكسس لوفيان بإعلان نهاية الحكومة الفوضوية (حكومة طولير) و استولوا على السلطة، لتبدأ فترة ثانية من جمهورية مجالس بافاريا.

- 3 ماي :

انتهت جمهورية مجالس بافاريا بعدما تم سحقها نهائيا (انظر التفاصيل)

انتفاضة الروهر: من 13 مارس إلى 12 أبريل

انتفاضة الروهر هي انتفاضة قصيرة، قام بها جزء من اليسار الألماني (الحزب الشيوعي الألماني) و الحزب الاجتماعي الديموقراطي المستقل لألمانيا و الحزب الشيوعي العمالي لألمانيا، و ذلك لوضح حد للمحاولة الانقلابية التي قام بها جزء من اليمين و أقصى اليمين يوم 13 مارس، و هي محاولة انقلابية موجهة ضد جمهورية فيمار من طرف تيارات محافظة، و قد قامت هذه المحاولة ما بين مارس و 17 مارس 1920 من طرف فرقة يقودها الجنرال فون لوتويتر و ساهم فيها آخرون. كان هدف الانتفاضة هو لإقامة دكتاتورية البروليتاريا، و تشكل على إثر ذلك الجيش الأحمر للروهر، وقد تم سحق الانتفاضة من طرف الجيش منذ بداية أبريل.

وقائع الانتفاضة :

-يوم 17مارس 1920 :

يهاجم الجيش الأحمر للروهر مليشيات فيركورس، التي يقودها الكابتان هاشنكليفر أحد أنصار الانقلابي وولف غانغ كاب، فاستولى الجيش الأحمر على االأسلحة و المؤن، و اعتقل 600 من المليشيات الموازية، و تم هزم الانقلاب و إعادة الجمهورية.

يوم 20 مارس :

أنشأ العمال مجالسهم و أخذوا السلطة في بعض مدن الروهر، و وجهت الحكومة الألمانية إنذارا تطلب فيه وضع حد للإضرابات العمالية و للانتفاضة، و فشلت المفاوضات و أعطت الحكومة الأمر للجيش بسحق الانتفاضة، و تكلف الجنرال أوسكار فون واتر بذلك، و انطلق على إثر ذلك إضراب عام عبأ 30 ألف منجمي أي 75% من الساكنة النشيطة للمنطقة.

- يوم 12 أبريل 1919 :

تغزو وحدات الجيش الألماني منطقة الروهر و تقمع الانتفاضة الشيوعية، فسقط العشرات من العمال و الثوريين، و تم اعتقال واسع للجماهير العمالية، و نصبت محاكم ميدانية أصدر أحكامها بالإعدام في وجه الثوار.

الحصيلة و الخسائر :

انتهت المعارك في 12 أبريل، و سقط 2000 من الأنصار الاشتراكيين و الشيوعيين و 273 من الجنود الألمان، و تم حل الجيش الأحمر، و استمر القمع و الاغتيال في ألمانيا بعد ذلك بدون توقف، فبين 1919 و 1922 وقعت 35600 حالة اغتيال سياسي.

النتائج السياسية :

- في أكتوبر 1920 :

انشقاق وسط الاجتماعيين الديموقراطيين المستقلين و التحق اتحاد يسار الاجتماعي الديموقراطي بالحزب الشيوعي الألماني (خلال مؤتمر الانشقاق كان اليسار يتوفر على 273 مندوب، بينما اليمين يتوفر على 156 مندوبا) و حصل انشقاق كذلك داخل الحزب الشيوعي الألماني، فقد غادر جزء من المناضلين الحزب ليؤسسوا "الاتحاد العام لعمال ألمانيا – المنظمة الوحدوية"، و خلال سنة 1922 حصل انشقاق جديد بين "مجموعة إيسن" المرتبطة بالأممية الشيوعية و "مجموعة برلين". في هذا السياق لم يتعد أعضاء الحزب 5000 عضوا و مع ذلك استطاع شيوعيو اتحاد الاجتماعي الديموقراطي و الحزب الشيوعي الألماني الحصول على 88 مقعدا خلال الانتخابات التشريعية ليونيو 1920 و ذلك أمام الحزب الاجتماعي الديموقراطي الذي حقق 102 و أمام اليمين المحافظ 71 مقعدا.

انتفاضة مارس 1921

قاد الانتفاضة الحزب الشيوعي الألماني و الحزب الشيوعي العمالي لألمانيا، فسنتان بعد الثورة الألمانية1918 – 1919، سيحاول الشيوعيون من جديد، باتفاق مع الأممية الشيوعية بالقيام بإضرابات عامة انتفاضية، لكن قلة التنظيم و وضعية الأقلية وسط العمال أدت إلى فشل انتفاضة الحزب الشيوعي.

أثار فشل حركة مارس أزمة عميقة داخل الحزب الشيوعي الألماني، فعشرات الآلاف من المقاتلين، اللذين يرفضون الأعمال الاستفزازية و العنف خلال الإضرابات يغادرون الحزب، و اعتقل هانريش براندلر زعيم الحزب.

رغم هذه الهزيمة، فإن قادة الحزب الشيوعي استمرت في التمسك ب "نظرية الهجوم الثوري"، التي دعل لها آنذاك نيكولاي بوخارين في الكومنترن، و كان بول ليفي غائبا عن ألمانيا في وقت الانتفاضة، و كتبت كلارا زتكين إلى لينين لإبلاغه بنواياهم في التنديد بهذه المحاولة علنا، و رد عليها لينين أنع ليس على علم بالموضوع، لكنه رفض أيضا "التكتيكات اليسراوية الحمقاء"، التي نفذها على ما يبدو أحد كوادر الأممية الشيوعية، و مع ذلك يطلب منهم التخلي عن مشروعهم، و يتجاهل ليفي الأمر و ينشر كراسا بعنوان "طريقنا" يدين فيه حركة مارس باعتبارها "أحد أكبر الانقلابات الباكنينية في التاريخ" قائلا أن هذه الحلقة (حركة مارس) تثير مسألة العلاقات مع الأممية الشيوعية، ثم يتم استبعاده من الحزب.

1923 : محاولة ثورية جديدة

السياقات :

في سنة 1923، عرفت جمهورية فيمار وضعية أزمة سياسية و اقتصادية عميقة، فالفرق الفرنسية البلجيكية، التي تحتل منطق الروهر منذ يناير، من أجل إجبار الحكومة الألمانية على دفع غرامات حربية ثقيلة كما حددتها معاهدة فرساي. لقد انهار الاقتصاد الألماني، و فقد المارك الألماني قيمته بشكل شبه كلي فأصاب الاضطراب المنظمات السياسية التقليدية، أي النقابات و الحزب الاجتماعي الديموقراطي، لأن المساهمات التي تضمن الأساسي من مواردهم لم تعد تساوي شيئا، و استغل الحزب الشيوعي الألماني، الذي كان قد تم إضعافه بسبب فشل حركة مارس لسنة 1921 الوضعية من أجل تضخيم أرقامها، رابطة نسبة كبيرة من الطبقة العاملة بقضيتها، و منذ الآن يعتزم الشيوعيون منافسة القوميين (الوطنيين) على أصوات البورجوازية الصغيرة، التي فقرتها الأزمة.

اعتقد الاتجاه اليسراوي للحزب الشيوعي الألماني، الذي يقوده روث فيشر و أركادي ماسلوف، بإمكانية انتفاضة، بينما أبان يمين الحزب، وراء هنريش براندلير(زعيم الحزب الشيوعي الألماني) عن حذرهم.

لم تقدم الأممية الشيوعية تعليمات دقيقة، بسبب عدم وجود موقف موحد حول الحالة الألمانية.

في نهاية يوليوز نظم الحزب الشيوعي الألماني تجمعا، رغم منع السلطات، و في شهر غشت قررت لجان المصنع شن إضراب لمدة ثلاثة أيام، الموجهة مبدئيا من طرف الشيوعيين، تجاوزت منظميها، فقد أدت إلى انتفاض بمدى غير متوقع، إذ أدى إلى سقوط حكومة المستشار ويهلم كونو، الذي حل غوستاف ستريسمان محله. هذا الحدث جعل السوفيات يدركون حجم وضعية اللاستقرار السياسي في ألمانيا، و كان أبرز القادة البلاشفة مقتنعين بأن الوضع الثوري في ألمانيا أصبح قريبا، من أمثال زينوفييف و بوخارين.

الاستعدادات:

- في 23 غشت : اجتمع المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي بحضور ممثلي الحزب الشيوعي الألماني و الكومنترن، و خلص النقاش إلى أن الثورة الألمانية قد دخلت فترتها العليا، و أن هناك انتفاضة في الأفق ابتداءا من الخريف، و كان ستالين من الذين ينتظرون إلى غاية ربيع 1924، لكنه التحق في النهاية بالاتفاق العام، و بدأ الاستعداد للانتفاضة، فانتقل هنريش براندلير إلى موسكو لمناقشة تفاصيل الانتفاضة، و حضر كذلك روث فيشر لتمثيل الاتجاه اليساري داخل الحزب، و تم الاتفاق على تشكيل لجنة يكون من بين أعضائها راديك و بياتاكوف لمساعدة الألمان على الانتفاضة، و تم الاتفاق على تشكيل جهاز عسكري، و تقسيم البلاد إلى قيادات عسكرية سياسية، و تشكيل مراكز بروليتارية، و شراء السلاح، و انتقل الحزب الشيوعي الألماني إلى إعداد مناضليهن و تنظيم انتقالهم إلى العمل السري، و تعيينهم في مراكز القتال، و تم تحديد خطة العمل في الأيام الأخيرة من شهر شتنبر، و ضمن هذه الخطة يدخل الشيوعيون إلى حكومتي ساكس و تورانج، التي كان يسيرها الاجتماعين الديموقراطيون اليساريون، فتصبح بذلك تلك الحكومات حكومات عمالية، حيث يقوم الوزراء الشيوعيون، انطلاقا من مواقعهم بمساعدة البروليتاريا على التسلح و التعبئة.

هكذا تطور الأكتوبر الألماني تماما كثورة أكتوبر البلشفية، يؤدي إلى انتفاضة في كل البلاد ضمن إضراب عام يكون المفجر.

كانت ألمانيا تعرف غليانا سياسيا كبيرا، فحكومة ستريسمان وضعت حدا للمقاومة السلبية تجاه احتلال الروهر، و قامت بإعلان عن وضع عملة قارة، و من جانب آخر، كان اليمين القومي يحتج ضد هيمنة الاجتماعيين الديموقراطيين على الحكومة مطالبا بدكتاتورية قومية، فاصطف وراء بعض الجنرالات، من بينهم الجنرال فون كاهر، و قامت إحدى المنظمات العسكرية الموازية رايشوهر السوداء بمحاولة انقلابية في الأيام الأولى لأكتوبر. و في سياق آخر، بدأت جريدة الحزب الشيوعي الألماني "الراية الحمراء" بإعداد الرأي العام للانتفاضة، مطالبة بالدفاع ضد الفاشيين البافاريين، و بدأت تنشر وسائل الدعم من القادة البلاشفة، من قبيل ستالين و زينوفييف و بخارين.

بداية أكتوبر :

يدخل الحزب الشيوعي الألماني حكومة الساكس و تورانج.

19 أكتوبر :

تأمر الحكومة المركزية الألمانية الجيش الألماني بإعادة الأمن إلى الساكس، و هو أمر كان موجها أساسا ضد الشيوعيين، و كان الوضع يتميز بالجزر بعد نهاية المقاومة السلبية في الروهر، لقد كانت القرارات الحكومية محاولات استباقية لإفشال الخطة الشيوعية.

21 أكتوبر :

انعقدت في شمنيتز ندوة لمجالس المؤسسات، كان مقررا لها أن تأخذ قرار إعلان الإضراب العام، لكن و في اللحظة الأخيرة تراجع الاجتماعيون الديموقراطيون اليساريون عن دعم الانتنفاضة، و انتهى اللقاء بدون إعلان الإضراب العام، و ليلة ذلك اللقاء قامت القيادة المركزية للحزب بإلغاء الانتفاضة، و في الغد اتفق الكومنترن على هذا القرار، لكن الأمور لم تتوقف عن هذا الحد، ففي مدينة هامبورغ، قام الشيوعيون المحليون بقيادة إرنست طالمان بالانتقال إلى الانتفاضة، نظرا لكون قرار الإلغاء لم يتوصلوا به في الوقت المناسب، و هكذا حوصرت انتفاضة هامبورغ من طرف قوات الجيش، فسقط عشرات الشهداء من العمال و مئات الجرحى، و قام الجيش بالدخول إلى الساكس و تورانج، وتم طرد الوزراء العمال من المكاتب الوزارية، و في مدينة فريبورغ قامت جماهير غاضبة بمهاجمة الجيش، فسقط 23 شهيدا، و تشكلت حكومة من الاجتماعيين الديموقراطيين بدون مشاركة شيوعية في ساكس لتعويض الحكومة السابقة.

تم الإعلان عن منع الحزب الشيوعي الألماني، لكن المنع تم رفعه في مارس 1924، و أصاب الإحباط العديد من الشيوعيين، نتيجة فشل الانتفاضة، و تبين أن انطلاق الثورة الألمانية ما زال بعيدا.

قامت الكومنترن بتقييم الوضعية معتبرة أن الفشل يعود إلى قلة الخبرة و انعدام أطر مجربة، و تم توبيخ مجموعة من قادة الحزب الشيوعي الألماني.

بعد أقل من ثلاثة أسابيع، سيقوم اليمين المتطرف بمحاولة انتفاضة، سميت بانقلاب مصانع الجعة، التي نظمت بمنطقة البافيير من طرف أدولف هتلر و لوندروف، و سيؤدي الوضع إلى انسحاب وزراء الحزب الاجتماعي الديموقراطي من حكومة ستريسمان احتجاجا على كون القمع انصب على الشيوعيين بشكل أكبر منه على القوميين، و عموما عرفت ألمانيا فيما بعد سنة 1923 مرحلة استقرار للوضع السياسي و الاقتصادي، مما أبعد إمكانيات الانتفاضة من جديد.

موقع 8 مارس الثورية

Les commentaires sont fermés.