Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

تمارا بونكي أو تانيا الثائرة شيوعية وثورية وأممية

تمارا بونكي أو تانيا الثائرة

شيوعية وثورية وأممية

 

"هل سيتم نسيان اسمي ذات يوم، و لا شيء مني يبقى على الأرض؟"

تمارا بونكي

"لقد ماتت بشكل بطولي من أجل حرية أمريكا اللاتينية، لكنها ستعيش دوما كنموذج لما يمكن أن تفعله امرأة شجاعة حقا و ثورية!". إينتي ببريدو

 

هايدي تمارا بونكي بايدر، شيوعية ثورية أرجنتينية من أصل ألماني، وتعرف أكثر باسمها المستعار "تانيا" وكذلك "تانيا المقاتلة". كانت تمارا بونكي المرأة الوحيدة، التي قاتلت في صفوف "جيش التحرير الوطني"، الذي قاده تشي غيفارا في بوليفيا، إنها الشيوعية الأرجنتينية، التي ذهبت إلى أدغال أمريكا اللاتينية للمساهمة في الثورة بدءا ببوليفيا، يحفزها في ذلك نجاح الثورة في كوبا، هذه الثورة التي ألهمتها أيما إلهام.

رغم حياتها القصيرة، كانت حياة تمارا مكثفة للغاية، وكان عليها أن تتبنى شخصيات وأسماء متعددة أينما حلت وارتحلت عبر مسارها القصير. إنها المرأة التي حاربت واستشهدت من أجل مثلها العليا، المثل الشيوعية الثورية مع تشي غيفارا في بوليفيا، وكانت نموذجا للتمرد والنضال المستميت من أجل انتصار الثورة. لعبت تمارا دورا هاما في التجربة الكوبية بعد الثورة و في حركات ثورية بأمريكا اللاتينية.

فما المسار الذي قطعته تمارا في مشوارها القصير بحثا عن المساهمة في الثورة؟

1 ) شباب مسيس جدا :

ولدت تمارا في 19 نونبر 1937 في بيونيس أيريس بالأرجنتين، ابنة ناديا بايدر و إيريك بونكي الشيوعيين الألمانيين اللاجئين إلى الأرجنتين عندما صعدت النازية إلى السلطة في ألمانيا، ففي 1935، اضطر إيريك و ناديا بونكي مغادرة ألمانيا التي كان يحكمها هتلر. ترعرعت تمارا و أخوها وولف في جو مسيس للغاية، فقد انضم والداها مباشرة بعد لجوئهما إلى الأرجنتين إلى الحزب الشيوعي الأرجنتيني، و هكذا وفر الوالدان لتمارا و أخيها الظروف لكي يترعرعا في أجواء سياسية مكثفة، غالبا ما كان بيت الأسرة في بونيس أيريس يستخدم لاستضافة اللاجئين وعقد الاجتماعات السياسية وقاعدة لإخفاء المنشورات السرية، و إخفاء الأسلحة أحيانا، لقد عاشت تمارا و تابعت دراستها في بيئة عائلية كرست نفسها للقضية الشيوعية.

تمتعت تمارا بشعبية كبيرة في مدرستها لتعدد مواهبها، فقد تابعت دروس الصباغة و الرسم و البالي، تميل إلى الموسيقى و الفولكلور، كما كانت رياضية شغوفة، و طالبة ممتازة، طورت ولعا خاصا بالموسيقى الشعبية في أمريكا الجنوبية، غير أنه في سنة 1952 عندما قام نظام الجنرال خوان بيرون بقمع الشيوعيين، و في نفس الوقت كانت النازية قد سقطت، انتقلت تمارا مع والديها إلى ألمانيا الديموقراطية حيث ستعود الأسرة إلى ألمانيا الشرقية، و قد كانت في هذا التاريخ في 14 من عمرها، على الرغم من المقاومة التي أبدتها تمارا، لكن والدتها تمكنت من إقناعها بوعدها بالعودة إلى الأرجنتين، و استقرت في ستالينشتات (سميت فيما بعد ب إيزنهاورشتات)، حيث تابعت عن كثب جميع الأحداث في بلدها و في أمريكا اللاتينية.

تألقت (ازدهرت) تمارا في بيئتها الجديدة، و بدأت دراسة العلوم السياسية في جامعة هومبولت في برلين الشرقية، انضمت بسرعة إلى "منظمة الشباب الألماني الحر" التابعة ل "الحزب الاشتراكي الموحد" في ألمانيا، حيث طورت عملا مكثفا كقائدة، و كانت عضوا في الحزب الاشتراكي الألماني الموحد، الذي انضمت إليه و كان عمرها 18 سنة، واشتغلت في قسم العلاقات الدولية نظرا لقدراتها الفكرية و إتقانها لعدة لغات، كما انضمت أيضا إلى "الاتحاد العالمي للشباب الديموقراطي"، و الذي سمح لها بحضور مهرجان الشباب و الطلاب العالمي في فيينا و براغ و موسكو و هافانا، بل شاركت تمارا في تنظيم المهرجان العالمي، الذي أقيم في موسكو سنة 1957، حيث تحدثت مع وفدي كوبا و الأرجنتين. لقد سمعت عن كفاح الكوبيين في سييرا مايسترا، و مشاركة أحد الأرجنتينيين يدعى أرنستو تشي غيفارا، و تابعت عن قرب كل الأخبار، و قد عمها الفرح لما علمت دخول الثوار سانتياغو (كوبا)، و أعربت عن رغبتها في القتال في الأرجنتين. عندما كانت الثورة في مرحلة التحرير والنضال السري، كانت تحاول دائما التقرب من الكوبيين، اللذين سبق لهم أن مروا بجمهورية ألمانيا الديموقراطية، وكانت دائما مرتبطة بكوبا وأرادت أن تعرف كوبا. كانت تمارا متحمسة للمشاركة في أي ثورة، خاصة في أمريكا اللاتينية، و أساسا في البلد الذي ولدت فيه، الأرجنتين، لقد كانت تتنفس الشيوعية داخل أسرتها، و قررت الدخول إلى الأرجنتين للالتحاق بالنضال السياسي وسط الحزب الشيوعي الأرجنتيني، وطن الولادة و النشأة.

في بيان كتبته في 4 فبراير 1958 تقول تمارا عن نفسها:

"في جمهورية ألمانيا الديموقراطية تربيت و تعلمت أن أفكر و أعمل كماركسية – لينينية، لهذا السبب، فإن الشيء الأكثر طبيعية بالنسبة لي، هو القتال طول حياتي، في هذا البلد أو ذاك، و في جميع الظروف في صفوف حزبنا الماركسي – اللينيني، لهذا السبب دخلت كمرشحة في الحزب الاشتراكي الموحد الألماني، إن أعظم رغبة عندي هي العودة إلى الأرجنتين بلدي الأم، و أن أقدم للحزب كل قوايا، من الطبيعي أن أعود إلى بلدي بموافقة الحزب".

لقد كانت تمارا تعبر في مختلف الرسائل التي بعثتها لأصدقائها في الأرجنتين عن رغبتها في العودة إلى الأرجنتين، لقد كانت الأرجنتين تسكنها.

بفضل أصولها و دراستها، تتحدث تمارا عدة لغات : الألمانية و الاسبانية و الروسية و الإنجليزية و الإيطالية، و سرعان ما أصبحت مترجمة للمصلحة الدولية "للحزب الاشتراكي الموحد" في ألمانيا، و قد أدى بها عملها هذا إلى الالتقاء بالزوار من جميع أنحاء العالم، و في سنة 1960، ستقابل الثوري الأرجنتيني تشي غيفارا، الذي زار ألمانيا الشرقية مع الوفد التجاري الكوبي، هنا في برلين ولد رباط صداقة و هوية سياسية ثورية، فتركت تمارا، و هي المعجبة بالثورة الكوبية كل شيء في برلين، ففي سنة 1961 ستغادر ألمانيا و لم تعد إليها أبدا.

مستلهمة بالثورة الكوبية، انتقلت تمارا إلى كوبا، انخرطت في البداية كمتطوعة في الريف الكوبي لبناء المنازل والمدارس، عملت في العديد من المؤسسات الثقافية والجماهيرية، ك "المعهد الكوبي للصداقة بين الشعوب" و "اتحاد النساء الكوبيات"، وعملت في وزارة التعليم، وسرعان ما لوحظت كفاءتها وديناميتها وحسها العالي في خدمة الناس ليتم توظيف الشابة تمارة للمشاركة في حملة محو الأمية الكوبية. كانت تمارا تنشر طاقة هائلة من حولها أينما عملت، ولها رغبة كبيرة في العمل، إنها تبدأ في بناء حياة جديدة، لأنها ترى بالفعل أن كوبا قدمت لها ما كانت تحلم به: صنع ثورة، لقد حققت حلمها في الذهاب للعيش في كوبا، و كان هدفها القتال من أجل الثورة.

بالإضافة إلى مواهبها المتعددة كانت تمارا تتقن فن ربط علاقات صداقة، ومن بين صديقاتها كانت أنجيلا سوتو التي قالت عنها:

"لقد أصبحت تمارا بالنسبة لي من أفضل صديقاتي لتلك السنوات، عندما كان عمري 20، 22، 23 سنة، لقد كانت لطيفة و قوية أيضا، لقد كانت شخصية مركبة، لكن بالأساس كانت كاملة جدا، تخيل بالنسبة لنا نحن شباب 1961 كنا شبابا متمردين، اتحاديات، "اتحاد النساء الكوبيات"، و لجان الدفاع عن الثورة وتصل تمارا و تلتحق بنا، و تصبح مقاتلة، شابة متمردة، شابة شيوعية".

لقد عبرت تمارا لأليسا ألونسو، مديرة البالي الوطني الكوبي أنها تريد أن تذهب إلى كوبا، كوبا الثورية و العمل على انتصار الثورة.

أخيرا تم اختيار تمارا للخضوع لتكوين في إطار عملية "فانتاسما" بقيادة تشي غيفارا في بعثة "حرب العصابات" في بوليفيا. كان هدف غيفارا إطلاق انتفاضة ثورية على مستوى القارة في البلدان المتجاورة: الأرجنتين و الباراغواي و البرازيل و البيرو و الشيلي وذلك بخلق اثنين و ثلاثة و الكثير من "الفيتنامات" لتحدي الإمبريالية الأمريكية. استعدادا لذلك عهد غيفارا لتمارا بتدريب دارييل ألاركون راميريز المعروف تحت اسم حرب "بنينيو" في بنارديل ريو في غرب كوبا.

لقد أراد غيفارا أن تتعلم تمارا الدفاع الذاتي، بما في ذلك استخدام السكين و المدفع الرشاش و المسدس، و كيفية إرسال و استقبال الإرسال التلغرافي و الرسائل المشفرة بالراديو، إنها الفترة التي أخذت فيها اسم "تانيا" كاسم للحرب.

تقول تمارا عندما كانت في كوبا

"نعم إنه وضع خطير للغاية ... لكن يمكنني أن أقول لكم مرة أخرى، أنه لا يوجد أكثر مجالا من أن أكون في خضم موقف حرج، حيث يكون النضال الثوري هو الأكثر صعوبة، كم من واحد يريد أن يكون هنا في كوبا للمساهمة في الدفاع عن الثورة الكوبية، أنا محظوظة لأنني قادرة على ذلك، و لهذا عدت إلى أمريكا اللاتينية، إذا كنت مهتمة بالعيش الرغيد، محاطة بكل وسائل الراحة، كنت سأبقى في برلين، حيث كان لدي كل شيء، ثورة أمريكا اللاتينية تتقدم بثبات إلى مستوى أعلى، و أنا محظوظة لأنني أستطيع أن أكون جزءا منها! ... الوطن أو الموت! سننتصر".

كتبت تمارا بونكي هذا في رسالة إلى والديها سنة 1962، عندما كانت متطوعة أممية في كوبا، في ذروة "أزمة الصواريخ" عندما تم تهديد الثورة بالموت من قبل القوى الإمبريالية، و مع ذلك، تعبر هذه الكلمات عن رؤية تمارا للعالم و الأخلاق الثورية، هي التي تركت الراحة في منزلها بألمانيا الشرقية لخدمة الثورة الكوبية.

من المسلم به أن التزام تمارا كمتطوعة في البرامج التعليمية و المليشيا في كوبا كان مثيرا للإعجاب، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، عندما أصبحت مستعلمة ثورية و ممثلا رئيسيا و مقاتلة في الحملة العسكرية الأخيرة لتشي غيفارا، الذي استشهد في بوليفيا البعيدة.

خلال تكوينها في كوبا، و فيما بعد في مزرعة صغيرة في ضواحي براغ، أدهشت تمارا الكوبيين بذكائها و صلابتها و قدرتها على الاستعلام، لقد وصفها مثلا بنينيو أنها:

"محبوبة وجميلة و لطيفة ولكن أيضا صعبة للغاية".

لقد أصبحت تمارا أكثر ارتباطا بالكوبيين من خلال الترفيه عنهم في معسكر تدريبي، من خلال تشغيل الأغاني الشعبية الأرجنتينية بالأكورديون أو الغيتارة، اللذين كانت تتقن العزف عليهما. بالإضافة إلى ذلك، فكشخصية اجتماعية جدا، يمكنها بسهولة تكوين صداقات، و أدرك غيفارا أنها تمتلك خصائص مفيدة لعملها المستقبلي في بوليفيا، لقد اعتبرت تمارا المرأة ذات المهمات الصعبة، لذلك كانت المرأة الوحيدة في صفوف مقاتلي القائد الثوري شي غيفارا.

في مارس 1964، شرح القائد غيفارا بنفسه لتمارا بونكي ماذا ستكون مهمتها في بوليفيا، فاستقبلها في مكتبه المحلي بوزارة الصناعة، ليقدم لها تفاصيل الخ

طة، التي يجب اتباعها، و منذ تلك اللحظة كان يجب على تمارا حماية التغطية على نفسها و ضمان تكوينها. كانت تمارا معتادة على الحد من صداقاتها، مما سمح لها بالتكيف بسهولة أكبر مع حياتها الجديدة، كان عليها أن تعتاد على الشعور بالوحدة و الابتعاد عن الأصدقاء، و تضليل البوليس، ليس فقط في كوبا، و لكن أيضا في أمريكا اللاتينية و حتى

 والديها.

2) في بوليفيا تستشهد الثورية الأممية التي جعل منها الشعب البوليفي أسطورة

في أكتوبر 1964، ستكون المحطة التالية لتمارا، إنها المحطة الرابعة بعد الأرجنتين و ألمانيا و كوبا، محطة بوليفيا، لقد انتقلت إليها تحت اسم جديد "لورا غويتري

ز باور"، كعنصر سري لحملة غيفارا الأخيرة، بمهمة خلق الظروف لتنظيم جبهة ثورية، و عندما كلفت بمهمة في بوليفيا تبنت اسم "تانيا" تكريما لفتاة روسية تدعى سويا، قاتلت النازيين تحت هذا الاسم المستعار، و تم القبض عليها و شنقها.





 

كانت مهمتها الأولى جمع المعلومات عن النخبة السياسية و العسكرية البوليفية، بربط علاقات مع كبار ضباط الجيش و أعضاء البورجوازية الحاكمة و السفر داخل البلاد و دراسة الأوضاع الاجتماعية فيها، و انتظار الاتصال، الذي من شأنه أن يعلن أن لحظة العمل قد حلت. في السابق، قبل حلولها ببوليفيا بوقت قصير، كان عليها أن تعيش لفترة من الوقت في جمهورية ألمانيا الاتحادية، لتتعلم عادات البورجوازية. في أحد الأيام، كانت على بعد 200 م من منزل والديها لكنها لم تستطع أن تودعهم، و لم يكتشفوا ذلك إلا بعد موتها بفترة طويلة، ثم غادرت إلى أمريكا اللاتينية: البيرو، الأرجنتين، البرازيل و أخيرا بوليفيا التي وصلتها في 18 نونبر 1964.

و بحكم تخصصها في الإثنولوجيا و في الفولكلور الأرجنتيني، فقد استطاعت أن تتسرب في جميع المجالات الحكومية، كما قال الباحث و المؤرخ الكوبي فروبلان غونزاليس، الذي ألف مع زوجته عدة كتب حول حياة شي غيفارا "كانت فتاة جذابة ذات كاريزما، و مثقفة، تتقن أربع لغات، تلعب الأكورديون و الغيتارة و متميزة في الرياضة البدنية".

من وجهة نظر تكتيكية، كانت تمارا شخصا ثمينا لحرب العصابات، التي يقودها غيفارا، لأنها كانت تستعمل معدات راديو مخبأة في مقصورة خلف جدار شقتها، ليس فقط لإرسال رسائل مشفرة إلى هافانا، و لكن لمقاتلي غيفارا على الأرض، و مع ذلك، في أواخر 1966، أجبر عدم وثوقية العديد من رفاقها في الشبكة الحضرية، التي تم إنشاؤها لدعم مقاتلي تشي، تمارا على الذهاب إلى معسكرهم الريفي نيانكاهواثو عدة مرات، في إحدى هذه الرحلات قدم أحد الشيوعيين البوليفيين، اللذين تم أسرهم المنزل المحصن حيث كانت جيب تانيا متوقفة، المكان الذي تركت فيه دفتر عناوينها، و نتيجة لذلك، تم كشف غطائها، و لم يكن لها من خيار سوى الانضمام إلى حملة حرب العصابات المسلحة لغيفارا، و على هذا النحو كانت مسؤولة عن تقنين الغذاء و البث الإذاعي.

عندما بدأ وصول أول مجموعات المقاتلين، أصبح عمل تانيا أكثر تعقيدا و خطورة، لكنها ظلت خارج شكوك البوليس، كان يذكرها تشي دائما في مذكرته، و دائما بمناسبة الاتصالات المهمة، يحتفظ بها للمهام الثقيلة في لاباز و خارجها. عندما تم اكتشاف سيارتها الجيب، التي كانت متوقفة في المرآب سقطت تغطيتها، وكان عليها أن تبقى في الجماعات المسلحة. يعلق شي بعد ذلك في مذكراته "لقد ضاع عامان من العمل الجيد و الصبور" فيعطيها القائد غيفارا بندقية م 1 و تصبح تانيا مقاتلة منذ هذا التاريخ.

بدون تانيا كوسيلة اتصال بين الجماعة المسلحة و العالم الخارجي، فقد وجدت الجماعة المسلحة نفسها معزولة، و سرعان ما وجدت تانيا نفسها تعاني من ارتفاع في درجة حرارة جسمها، و إصابة في الساق، و تأثيرات مؤلمة لطفيلي بعوضة "شيغوي"، و نتيجة لذلك قرر غيفارا إرسال مجموعة من 16 مقاتلا مريضا آخرين، بمن فيهم تانيا خارج الجبال، لقد كان سلوكها القتالي نموذجيا مثل عملها السري، كانت مجموعة جواكين، التي كانت جزءا منها تقاوم طيلة الرحلة التي عاشتها ما بين مارس و 31 غشت، ويؤكد باكو أحد الناجين من المجموعة، أن موقفها كان مشجعا للجميع، فقد كانت تسير على الرغم من الجروح الرهيبة في قدمها، و كان قائد المجموعة، الذي أغلق المسير خلفها لحمايتها، يبحث عن مكان حيث يمكنها التعافي بصحبة مقاتل كوبي كان هو أيضا مريضا بشكل خطير.

خلال خمسة أشهر في بوليفيا، كان على تانيا أن تواجه حياة صعبة في أدغالها، حيث نقص الماء و الغذاء و الطقس السيء و عداء العدو المستمر.

في 31 غشت 1967، في الخامسة و عشرين دقيقة مساءا تعرضت مجموعة حرب العصابات، التي يقودها جواكين لكمين، نصبه حراس الجيش البوليفي بمساعدة وكالة المخابرات الأمريكية عندما كان يعبر نهر ريو غراندي في فادو ديل سيو، فحوصرت المجموعة، و كانت تانيا تحمل بندقية م 1 فوق رأسها، و لم يكن لها من الوقت للاستيلاء على السلاح، فأصابتها رصاصة في ذراعها و في صدرها، فتسقط ويجر التيار جسمها، لقد قتلت مع ثمانية مقاتلين آخرين، ثم نقلت جثتها في اتجاه مجرى النهر، و لم يتم العثور عليها إلا بواسطة الجيش البوليفي بعد بضعة أيام، يوم 6 شتنبر. عندما تم عرض جثتها، التي نالت منها سمكة البيزانا على بارينتوس، الرئيس البوليفي آنذاك كانت الخطة رميها في مقبرة لا تحمل علامات مع بقية المقاتلين (مقبرة جماعية)، إلا أن فلاحات المنطقة، طالبن بأن تحصل المرأة على دفن مسيحي مناسب، هكذا انطفأت شمعة الثورية الأممية، وردة ريو غراندي البيضاء (وجدت بقايا جثتها قرب صخرة مغطاة بالورد الأبيض).

في سنة 2001، تم إرسال جثة تانيا إلى كوبا، الوطن الذي تبناها، حيث دفنت بمراسيم تشريفية بحضور والدتها المسنة، و قد دفنت إلى جانب رفيقها أرنستو شي غيفارا القائد الثوري الأممي في سانتا كلارا المدينة التي حررها غيفارا خلال الحرب الثورية في كوبا، عندما دخل المدينة على رأس مجموعة مسلحة دخول الأبطال.

خاتمة

لقد دخلت تمارا – تانيا التاريخ المعاصر لكوبا و أمريكا اللاتينية، كواحدة من النساء الأكثر شجاعة، لقد حلمت تمارا و قاتلت من أجل عالم أفضل، و قد كانت منسجمة مع مبادئها إلى آخر أيام حياتها، كانت الثورة عملها الرئيسي و الإرث الذي تركته وراءها، و لم تقدم الأرجنتين، البلد الذي ولدت فيه و أحبته، و الذي لم تغادره إلا إكراها مع الإصرار على العودة إليه، لم يقدم بعد اعترافا تاريخيا لهذه المناضلة الشيوعية الأممية، التي أصبحت نموذجا للمرأة الثورية الصلبة، بالأخلاق الشيوعية كما يجب أن يكون كل شيوعي و كل شيوعية: التضحية، نكران الذات، الإصرار، العزيمة، الإرادة ...

في 1966 كانت تمارا قد كتبت في أحد أشعارها تقول متسائلة: هل سيتم نسيان اسمي ذات يوم، و لا شيء مني يبقى على الأرض؟"

في مقدمة لكتاب :"تانيا، حرب العصابات التي لا تنسى" يجيب صاحب الكتاب إينتي ببريدو :

"لقد ماتت بشكل بطولي من أجل حرية أمريكا اللاتينية، لكنها ستعيش دوما كنموذج لما يمكن أن تفعله امرأة شجاعة حقا وثورية!".

 

 

 

 

 

جميلة صابر

8 ـــ 11 ـــ 2019

Les commentaires sont fermés.