Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

  • عاشت الذكرى المئوية للثورة الاشتراكية الألمانية 1919

     

    "إن النضال من أجل الاشتراكية هي الحرب الأهلية الأكثر روعة التي عرفها تاريخ العالم، و الثورة البروليتارية يجب أن تجهز نفسها بالوسائل الضرورية، يجب أن تتعلم كيف تستخدمها من أجل النضال و الانتصار"

    ( "ماذا تريد عصبة سبارتاكوس؟ - برنامج الحزب الشيوعي الألماني 1918 - )

     

    أحيت الحركة الشيوعية الثورية العالمية هذه السنة، الذكرى المائة (1919 – 2019) للثورة الألمانية و لاغتيال قائديها الشيوعيين الرفيقين، روزا لوكسمبورغ و كارل ليبنخت على يد الجيش الألماني بأمر من القادة "الاجتماعيين الديموقراطيين" الخونة، أعضاء الحكومة الاجتماعية الديموقراطية، فردريتش إيبرت رئيس الحكومة و غوستاف نوسكه وزير دفاعه.

    عندما و ضعت الحرب الامبريالية العالمية الأولى أوزارها، كان انتصار الثورة الاشتراكية العظمى في روسيا بقيادة لينين، و بانتصارها، تكون هذه الثورة المجيدة قد فتحت عهدا جديدا للثورات الاشتراكية في أوروبا، و كما تنبأ بذلك لينين العظيم، انفجرت الثورة الألمانية في يناير 1919، فخرجت الجماهير العمالية الألمانية في انتفاضات متتالية في العديد من المدن الألمانية، خاصة في برلين، من أجل تأسيس المجالس العمالية، و الاستيلاء على السلطة، و قد سميت هذه الانتفاضة باسم انتفاضة سبارتاكوس نسبة ل "عصبة سبارتاكوس"، التنظيم الشيوعي الذي أسسه كل من روزا لوكسمبورغ و كارل ليبنخت وكلارا زتكين و فرانز مهرينغ و آخرون من الاجتماعيين الديموقراطيين الثوريين الألمان، اللذين رفضوا دعم البورجوازية الألمانية في الحرب الامبريالية العالمية الأولى، و أدانوا خيانة الحزب الاجتماعي الديموقراطي الألماني، الذي صوت لصالح ميزانية الحرب في الرايخشتاغ (البرلمان الألماني).

    هكذا اصطفت روزا لوكسمبورغ و كارل ليبنيخت في صف الثورة العالمية بقيادة لينين، فأسسا "عصبة سبارتاكوس"، التي أصبحت "الحزب الشيوعي" الألماني لاحقا. و بينما كان مؤسسو "عصبة سبارتاكوس" منخرطين في بناء الحزب الشيوعي الألماني، انطلقت شرارة الانتفاضة الألمانية الثورية بقيادة الطبقة العاملة الألمانية، فانخرطت روزا و ليبنخت و رفاقهما في دعم الثورة و قيادتها، مجسدين بذلك مبادئ الأممية الشيوعية الثورية، تماما كما فعل ماركس و انجلز بالنسبة لكومونة باريس. و كما هو معلوم، انتهت الانتفاضة الثورية البروليتارية الألمانية بالهزيمة، و انتصار البورجوازية الألمانية بقيادة الحزب الاجتماعي الديموقراطي الألماني، و انطلقت حملات تصفية دموية طالت صفوف طلائع البروليتاريا الألمانية و القادة الشيوعيين الثوريين، فسقط كل من روزا لوكسمبورغ و كارل ليبنخت شهيدان، في سياق المعركة البطولية من أجل انتصار الاشتراكية في ألمانيا.

    باغتيال الرفيقين الشهيدين روزا لوكسمبورغ و كارل ليبنخت، تكون الحكومة الاجتماعية الديموقراطية الخائنة، قد استكملت قمعها الوحشي لانتفاضة سبارتاكوس المجيدة، و إغراقها بدماء الشهداء من الطبقة العاملة. و منذ مائة سنة، لم يتوان الاجتماعيون الديموقراطيون التحريفيون الألمان، في الانخراط في الثورات المضادة و معاداة الشيوعية، في محاولات مستمرة لتحويل الجماهير الألمانية عن الشيوعية، و بذلك قدموا خدمات جليلة للنازية، التي استفادت من انكسار البروليتاريا الألمانية، و اغتيال قادتها الثوريين للصعود على مسرح الأحداث السياسية في ألمانيا ثم الاستيلاء على السلطة.

    لقد سقطت المحاولة البروليتارية الألمانية، نتيجة ظروف موضوعية و ذاتية أدت إلى هزيمتها، و من أهمها، هيمنة الحزب الاجتماعي الديموقراطي التحريفي على الطبقة العاملة، نتيجة تاريخه الطويل مع الطبقة العاملة الألمانية، ذلك الحزب، الذي انحرف عن خط الثورة الاشتراكية الأممية، على يد كل من دافيد برنشتاين و كارل كاوتسكي، و ساهما في هزيمة البروليتاريا الألمانية، و كذلك ذلك الإرث الثقيل، الذي ورثه التيار الثوري اليساري داخل الحزب الاجتماعي الديموقراطي، و من ذلك التأخر التاريخي في محاربة التحريفية و تسليح البروليتاريا الألمانية بالأدوات النظرية و التنظيمية و الاستراتيجية الكفيلة بتحقيق انتصاراتها، الشيء الذي فعله لينين على امتداد سنوات طويلة، ارتبطت فيها أهم كتاباته بمواجهة التحريفية، في قضايا الحزب و الاستراتيجية و الفلسفة و السياسة، فاستطاع الحزب البلشفي رغم ضعفه العددي، و نظرا لصحة خطه العام، تمكن من تجاوز ذلك الضعف بسرعة، فاحتل موقع قيادة البروليتاريا الروسية و الثورة الاشتراكية في أكتوبر 1917، بينما تأخرت الاجتماعية الديموقراطية الثورية في ألمانيا في نقدها للتحريفية، بل تأخرت كذلك في استيعاب، في الوقت المناسب، دروس الثورة الروسية الأولى 1905، و الثانية 1917، و من تم عدم استيعاب المفهوم اللينيني حول الحزب الثوري من طراز جديد.

    رغم أخطاء روزا و سوء تقديرها، فإنها، إلى جانب رفيقها كارل ليبنخت، ساهمت بشكل كبير في تأسيس الحزب الشيوعي الألماني، الذي استمر في تأطير الطبقة العاملة الألمانية و شارك في تنظيم مقاومة النازية في ألمانيا إلى حدود نهاية الحرب الامبريالية العالمية الثانية، التي توجتها النازية الألمانية باغتيال قائده البارز إرنست طالمان في معسكرات الاعتقال النازية.

    هكذا إذن، و في ليلة 15 – 16 يناير 1919، قبل مائة سنة، قام الجندي أوطو رانج (عاش هذا الأخير تحت اسم آخر هو رادولف ويلهلم إلى أن تم اعتقاله على يد الجيش الأحمر السوفياتي و ذلك يوم 13 يونيو 1945 فاعترف بتفاصيل الجريمة النكراء التي نفذها) بإطلاق النار على القائدين العظيمين، روزا لوكسمبورغ و كارل ليبنخت، بعدما صدر الأمر إليه من قادته، الذين نفذوا هذه الجريمة الشنعاء، بعد توافق حصل بين قادة الحزب الاجتماعي الديموقراطي و القيادة العسكرية، من أجل إخماد الثورة و تصفية قادتها البارزين، درءا لسقوط ألمانيا في معسكر الثورة الاشتراكية، و هكذا، و على منوال كومونة باريس، سحقت البورجوازية المتعفنة الألمانية، و أداتها التحريفية، الحزب الاجتماعي الديموقراطي الألماني ثورة المجالس العمالية الألمانية في برلين و العديد من المدن الأخرى، فسقط الآلاف من الشهداء من العمال و العاملات، و اغتيل القادة الثوريون.

    لقد انحازت روزا لوكسمبورغ و كارل ليبنخت إلى صف الثورة البلشفية الروسية بقيادة فلاديمير إيلتش أوليانوف( لينين)، مجسدين بذلك أسمى مبادئ الأممية الاشتراكية بدمائهم الثورية، لقد رفضا رفضا قاطعا أن يوافق حزبهما الاجتماعي الديموقراطي التحريفي على سياسة الحكومة الامبريالية، التصويت على الاعتمادات العسكرية، لأن هذه الحرب بالنسبة لهما حرب امبريالية، حرب ضواري امبريالية تلقي بملايين العمال و الفلاحين و الجنود، في أتون حرب شرسة يشكلون حطبها، خدمة لعيون البورجوازيات الأوروبية.

    في مجلة "الأممية" التي كان تكتب فيها بأسماء مستعارة، وتم حظرها فيما بعد، كتبت روزا لوكسمبورغ تتهم كارل كاوتسكي برغبته في إعادة صياغة الشعار الشهير الذي انتهى به "البيان الشيوعي" سنة 1848 "يا عمال العالم اتحدو" و وضع بدله شعارا آخرا "يا عمال العالم اتحدوا خلال السلم، و اذبحوا أنفسكم خلال الحرب".

    كان كارل ليبنخت القائد الأكثر شعبية داخل "عصبة سبارتاكوس"، لكونه كان البرلماني الأول داخل الحزب الاجتماعي الديموقراطي الألماني، الذي، في دجنبر 1914، رفض التصويت لصالح اعتمادات عسكرية جديدة للحرب، و لكونه، بجرأة أممية ناذرة، تظاهر في برلين في فاتح ماي 1916، صارخا "لتسقط الحرب، لتسقط الحكومة"، الشيء الذي عرضه للاعتقال على الفور و حكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات.

    في يناير 1916 قام أغلب المعارضين الثوريين للحزب التحريفي الاجتماعي الديموقراطي بنشر رسائل سياسية شهرية، ابتداء من شهر شتنبر، تحت عنوان "رسائل سبارتاكوس"، منذ ذلك الحين حل اسم "سبارتاكيست" محل "مجموعة ليبنخت" أو "مجموعة الأممية"، التسميتان اللتان كانتا تستعملان آنذاك لتسمية هؤلاء الثوريين.

    لقد كان "سبارتاكيست" يعملون في ظروف صعبة و بالغة التعقيد، لأنهم كانوا قليلي العدد، و متابعين و مطاردين من طرف البوليس الامبراطوري و مخابراته، يهربون رسائلهم بشكل سري، ويحافظون بطريقة ما، انطلاقا من برلين العاصمة الإمبراطورية، على روابط مع الجماعات العاملة في المدن الكبرى.

    كان كارل ليبنخت و روزا لوكسمبورغ يوجدان في السجن عندما قامت ثورة 1918، التي أعطت أول جمهورية ألمانية، تحت اسم "جمهورية فيمار" (نسبة لمدينة فيمار) و تم إطلاق سراحهما على إثر ذلك.

    في 9 نونبر من نفس السنة، أعلنت الجمهورية، و سيعمل "سبارتاكيست" على إخراج صحيفة يومية تسمى "الراية الحمراء".

    لقد أصبحت السلطة الآن في يد الاجتماعيين الديموقراطيين، الذين دعموا سلطتهم البورجوازية ببعض الإصلاحات، من قبيل 8 ساعات عمل في اليوم، إقرار حق النساء في التصويت، لكن قادة الحزب التحريفيين، من أمثال فريدريتش إيبرت و غوستاف نوسكه و غيرهما، الذين يكرهون "الثورة مثل الخطيئة"، كما يقال، كانوا يريدون الإسراع في استعادة النظام، و انتخاب مجلس تأسيسي يرسم لذلك، بينما طالب "سبارتاكوس" بتأميم الأبناك و المناجم و مصانع الصلب، و وضع السلطة في أيدي مجالس العمال و الجنود الثوريين. و لمواجهة هؤلاء الثوريين، الذين تقودهم روزا لوكسمبورغ و كارل ليبنخت، و لكي لا تنتشر نار الثورة كما تنتشر النار في الهشيم، و حتى لا تنتصر أفكار الثوريين الأممية، التجأ التحريفيون إلى الجيش، الذي كان قادته يكرهون بحقد ما بعده حقد الاشتراكية و الشيوعية و البلشفية.

    جرت المواجهة في شهر يناير 1919، و تم سحق و ذبح سبارتاكيست، و اغتيال قادتهم، لكن القادة الثوريون القابضون على الجمر لم يستسلموا، فأنشأوا للتو "الحزب الشيوعي" الألماني.

    في إحدى المقالات في "الراية الحمراء" و ذلك في دجنبر 1918، اتهمت روزا لوكسمبورغ قادة الحزب التحريفي الاجتماعي الديموقراطي ب "التطلع إلى أمجاد تييرس و كافينياك و كاليفي، الجلادون الثلاثة لكومونة باريس.

    لقد جسد السبارتاكيون تقاليد كومونة باريس الثورية، من قبيل الأممية و دور النساء في الثورة ...، و ليس هذا غريبا عن هؤلاء القادة، الذين تربوا على أيدي فردريك انجلز، و تتلمذوا على كتابات ماركس حول الكومونة، و تزخر كتابات روزا بالعديد من الإشارات إلى كومونة باريس الثورية، بل كانت تحضر لذكراها في فرنسا ولها نصوص عن تلك الزيارات لفرنسا بالمناسبة.

    كانت روزا و ليبنخت، و كل السبارتاكيين، يرون أن قادة الاجتماعي الديموقراطي التحريفيين قادرون على كل شيء، و قد ظهرت بالفعل سوءاتهم منذ وصولهم إلى السلطة، لكنهم لم يقدروا بالفعل أن هؤلاء الخونة سيوجهون لهم طلقات غادرة، التي صوبت إلى ظهر روزا و ظهر ليبنخت.

    في مقالها الأخير، الذي ظهر في نفس اليوم، الذي اغتيلت فيه، رسمت روزا خطا متوازيا بين مذبحة ثوار برلين و مذبحة كومونة باريس : "العدو هو سبارتاكوس، و برلين هي المكان، الذي تعاهد فيه ضباط من أجل انتزاع الانتصار، من لا يتذكر ثمالة القطيع عند أنصار النظام، و طقوس العربدة للبورجوازية الباريسية، و هي ترقص فوق جثث مقاتلي الكومونة، فعندما يتعلق الأمر بمواجهة البروليتاريين الجوعى، المسلحين بأسلحة رديئة، و كذا مواجهة نسائهم و أطفالهم بدون حماية، ترى شبيبتهم المدلعة و ضباطهم، هؤلاء الذين (في مارس) انكسروا أمام العدو الخارجي (إشارة إلى هزيمة الجيش الفرنسي أمام جيش بسمارك آنذاك)، يطلقون العنان لفظائعهم ضد أناس بدون حماية، جرحى و معتقلين".

    في اليوم العاشر من يناير1919، شن غوستاف نوسكه، العضو البارز في الحزب الاجتماعي الديموقراطي التحريفي، بدعم من قوات الجيش و جنرالاته المعادين للاشتراكية و البلشفية الهجوم المضاد على برلين، فتمت السيطرة على الحاميات الثورية البروليتارية، و اعتقلوا ليدبور و كارل ليبنخت و روزا لوكسمبورغ، و ما لبثوا أن أطلق سراحهم، و بعد خمسة أيام عن إطلاق السراح، أي يوم 15 من يناير، تم استدعاؤهم إلى أحد الفنادق للتحقيق معهم، و عندما هب الثلاثة للخروج من الفندق بعد التحقيق معهم، كانت الأوامر قد أعطيت لتصفيتهم، فأطلق الرصاص على روزا و ليبنيخت، بينما استطاع ليدبور الفرار.

    كانت ثورة برلين تشرف على نهايتها حين كان "الفرانكس" (قوات خاصة)، الذين قادوا القمع الدموي، متورطين في جميع أنحاء ألمانيا في اغتيال العديد من القادة الثوريين، بل قاموا كذلك بقمع إضراب جديد في برلين شنه العمال بقيادة "سبارتاكوس" في مارس من نفس السنة، و قد لجأوا إلى اغتيال قائدهم الرئيسي جوستين في 10 مارس 1919، ثم تم سحق تجارب المجالس العمالية، و آخرها مجلس بافاريا على يد الجيش في ماي 1919. و بينما كانت الحرب الطبقية تدور رحاها بين البورجوازية و العمال، استطاعت الحكومة أن تكسب إلى صفها بعض العمال و الجنود، بمنحهم بعض التنازلات الاجتماعية، حارمين الثوار من قوة كان يعتمد عليها، من أجل تحقيق الديموقراطية الاشتراكية، التي لن تقوم لها قائمة بدون إنشاء مجالس العمال الثورية.

    لقد جسدت الثورة الألمانية، ثورة سبارتاكوس و المجالس العمالية الثورية إحدى الفترات الأممية التاريخية، التي اقتحمت فيها البروليتاريا الألمانية عنان السماء، تماما كما فعلت شقيقتيها، بروليتاريا كومونة باريس، و بروليتاريا السوفياتات الروسية، و ستعيش ذكراها و ذكرى شهدائها، و على رأسهم القائدين الأمميين الشهيدين كارل ليبنخت و روزا لوكسمبورغ، في قلوب بروليتاريا العالم و الحركة الشيوعية الثورية العالمية.

    عاشت ثورة يناير الاشتراكية الألمانية 1919!

    المجد و الخلود للشهيدين القائدين الشيوعيين الأمميين كارل ليبنخت و روزا لوكسمبورغ، و الخزي و العار للقتلة التحريفيين، خونة الثورة الاشتراكية الألمانية!

    موقع "8 مارس الثورية"